” فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا. و أنتم مملوؤون فيه ”
رسالة كولوسي 2: 9-10
يا لفرحة الإنسان الذي خرج من لدن الله مطرودا, و نزل إلى أرض الشقاء و مرارة العيش, يلاحقه الشيطان كل لحظة و ينغص حياته,
و يحرمه من رفع و جهه نحو الله
أفي هذا الإنسان الذي قبل اللعنة في جوفه, بل و لعنت الأرض بسببه, و باتت الخليقة كلها تئن و تتمخض, يلاحقها الجوع و الشراسة بسبب خطية الإنسان و لعنة الأرض؛ أفي هذا الإنسان من رجاء؟
نسمع اليوم أن قائد البشرية الجديد الذي تغرب عن مجد أبيه, و ترك مجده كابن و حيد محبوب, يحمل في جسده ملء اللاهوت, و يصير هو أب البشرية الجديد, و يقودها معا إلى مجده المذخر له, و المنتظر فداء أجسادنا ليستعلن علنا لدى كل السمائيين, و لتعود الخليقة التي تئن إلى محررها, خاضعة طائعة فرحة و مسرورة.
هذا اليوم هو يوم الخليقة الجديدة التي لبسها إنسان الشقاء, و صار في قوام الله, حيث فك الله آدم من حبوس العبودية و أسر الشيطان و الخطية, بل و يزيد الله في حنانه و رحمته و عطفه و غفرانه, ليهب كل إنسان ملء الإبن, إذ صار الكل مملوءا فيه و هو في بهاء لاهوته؛ فينتقل الإنسان من صفوف العبيد إلى أوج ملوك السماء, حسبما يقول الكتاب : ” جعلنا لإلهنا ملوكا و كهنة ” .
و لو علم الإنسان مقدار ما حصل عليه, لما حل ملء اللاهوت في جسد المسيح, و صار إنسان الخطية هذا المبرر بدم المسيح شريك هذا الملء اللاهوتي؛ لما كف الإنسان عن التهليل و التسبيح و رفع آيات الشكر ليل نهار لله, الذي ملأه بنعمته,و دعاه إلى ملكه الأبدي, و أوقفه أمامه قديسا و بلا لوم, في ملء محبة الآب و الابن.
إن القول بأن جسد المسيح إمتلأ لاهوتيا هو فوق قدرة تصور الإنسان.
أما قوله إننا نحن صرنا مملوئين في ملء لاهوت المسيح, فنصبح و كأننا غيرنا جنسنا إلى جنس المسيح, و صرنا أعضاء في مملكة السماء, حتى و إن كنا لا نزال ندب على أرض شقائنا, فلم تعد خليقة الإنسان مستضعفة و لا مذلولة و لا فريسة مأكولة ببطش العدو.
و الآن إرفع رأسك أيها الإنسان, فلم تعد الأرض محط أنظارنا, و لا محور بقائنا, بل صرنا ناظرين إلى فوق إلى السماء حيث مخلص جنسنا قائم في مجده يدعونا أن نحارب حروب الرب لنتخلص من ماضينا المنغوص, و نعيش مستقبلنا كشركاء مجد المسيح و الله.
فهل يليق بأولاد الله المملوئين بملء المسيح لاهوتيا, أن يعيشوا كأبناء هذا الدهر, يعيشون عيشة الضلال في إباحية و استهتار, و يمضون عمرهم كأبناء اللعنة القديمة غير عابئين بحزن المسيح عليهم, و كأنه لم يصلب لأجلهم, و لا قام و لا غلب العالم, الأمور التي سلمها كلها لنا كشركاء آلامه و صليبه لنكون شركاء مجده.
أيها الأحبة, إن من عاش عيشة الخطية و استهتر بصليب المسيح و بوعوده التي حققها لحسابنا, يكون كمن داس على الصليب, وازدرى بروح النعمة, و تآخى مع الشيطان دون أن يدري, و ضيع ميراثه الأبدي؛ خسارة لا يمكن تصورها, لأنها خسارة حياة و مستقبل, و هي آختيار غبي للظلمة بدل النور, و الموت بدل الحياة, و الصياعة و العربدة بدل المجد المذخر لمحبي الرب.
فكما قال بطرس الرسول لليهود الباكين لمعرفة الحق:
” لأن الموعد هو لكم و لأولادكم و لكل الذين على بعد … فتوبوا … لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب”.
ملء اللاهوت
Farah Church المسيحيون المغاربة كنيسة الفرح المغربية انضم الينا الى كنيسة المسيحيون المغاربة مباشرة من بيتك او عملك شات مباشرة بالصوت والصورة