(3-5): “الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك. الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة والرأفة. الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك.”
مزمور 103
قد يكون النسر من أكثر الطيور المعمِّرة، إذ يصل عمره إلى 120 سنة، ولكن الشيء العجيب أنَّه في معظم فترات حياته يظل محتفظًا بشبابه، إنه بين حين وآخر عندما يتلف ريشه ويضعف بل يشيخ ويعجز، ينتفه لينبت عوضًا عنه ريشٌ آخر جديدٌ وقويٌ، وكأنه بذلك استعاد شبابه مرة أخرى. إنها صفة رائعة جدًا نجدها في النسر؛ كيف يحتفظ بنضارته وقوته دون أن تدب فيه مظاهر الشيخوخة والضعف!
نجد هنا بعض الأسباب التي نشكر عليها الرب ونباركه. فالله أعطانا بفدائه قوة للمعمودية بها نولد جديداً وتغفر كل خطايانا السابقة. وأعطى قوة لسر الاعتراف وبه يمسح الله كل ذنوبنا. دمه أعطى القوة والسلطان للأسرار ليَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ.. يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ فالأمراض التي كانت بسبب الخطية تشفي حين يتوب الإنسان وتغفر خطاياه . هذا ما قدمه المسيح لنا، أعطانا حياة عوضاً عن الموت بل هو يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ = ولذلك نحن نشكر الله دائماً فهو صانع خيرات. والخطية تسبب الشيخوخة الروحية للإنسان، وحين يغفر الله يَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُ النفس= وتطير وتحلق في السماويات مثل النسر. والألام وهموم العالم تحنى ظهر الإنسان فيصير كالشيخ، والمسيح يقول “تعالوا يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم”، هو يحمل عنا فنعود بأكتاف غير منحنية كالشيوخ، نعود بأكتاف مرفوعة كالشباب.
مثل الذهب إذا حُمِّي في النار يتجدّد. هكذا أيضًا النفس إذا كان لها من الفضيلة ما يُنقِّيها من أدناسها ومن كل دناياها، فستتجدّد وتطير إلى الأعالي مثل النسر إذا طار في أعالي الجو.