فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح، الذي به أيضا قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون، و نفتخر على رجاء مجد الله
رسالة رومية 5: 1-2
كان آدم و بنوه قد فقدوا السلام مع الله، و طرد آدم من الفردوس، و ورث أولاده أجمعين لعنة الأرض؛ حتى ولد المسيح في بيت لحم، حيث ظهرت جنود الملائكة في السماء تبشر الرعاة، و بالحري بني آدم أجمعين، بأنه صار بميلاد المسيح سلامٌ مع الله، هاتفين: – –المجد لله في الأعالي، و على الأرض السلام، و بالناس المسرة—
و هكذا دخل الإنسان بميلاد المسيح إلى السلام مع الله، بل و بميلاده، أي دخول المسيح إلى العالم، إنفتحت لنا أبواب السماء، و آنسكبت النعمة على المؤمنين بالمسيح؛ فصار المؤمنون بالمسيح يعيشون بل و يقيمون إقامة دائمة روحية في هذه النعمة، إلى درجة أن الإنسان الذي كان في عداوة مع الله صار أهلاً لرجاء حي في الله، صارخا مع الملائكة: (المجد لله في الأعالي
بل و بسبب دخول المسيح إلى العالم إنفتح لنا باب الرجاء الحي و بالدخول إلى الأمجاد السماوية، فصار هذا فخرا للمؤمنين بالمسيح. و بهذه الآية الفريدة في غزارتها نجد أربعة أمجاد سماوية حلت على الإنسان: البر بالإيمان، و السلام مع الله، و دخول مقيم في النعمة، و آفتخار على رجاء المجد.
و نحن نتعجب على عمق الإستعلان الذي دخل فيه بولس الرسول و هو يتكلم بعمق لا يُجَارى على الأمور التي صارت لنـا بميلاد إبـن الله حسب قصد و تدبير الله منذ الأزل، فما يراه بولس كأنه حاضر أمامه هو من تدبير الله في الأزلية الذي أخفي عن كل الكيانات السماوية و عن كل الأنبياء و الآباء.
و نحن مطالبون أن ننتبه لإستعلان بولس الرسول لمدى الإيمان، و الخلاص، و التبرير، و السلام الدائم مع الله، و الدخول في نعمة الله و دوام الإقامة فيها، و كأنها النور الجديد الذي إنبثق من المسيح ليغطي المسكونة كلها، حتى يتهلل الإنسان الذي كان أسيراً للعدو فصار يفتخر بمجد الله على الحرية التي حررنا بها المسيح.
و هكذا صيرنا خليقة جديدة تنتمي إلى السماء، بعد أن كنا من تراب الأرض مُذلين تحت هذا العالم الشرير.
و هكذا نعود و نُوعي القارئ أن لا يأخذ هذا الكلام مأخذ الخفة كأنه مجرد كلام، فيكفي أن نقول إن ميلاد المسيح هز السماء هزاً، و ظهرت أجناد السماء علانية لأول مرة في الوجود لتعطي المجد لله بسبب ميلاد الإبن القدوس، و لِتَهَبَ الأرض سلام السماء الذي إنحجب عن الإنسان منذ الدهر، و لتعطي الإنسان ملءَ السرور بعد حُزنِه منذ الدهر.
هكذا أعطت السماء و جند السماء نَوْبَتهم الإلهية، مفتتحين سفر العهد الجديد بأبواق الهتاف و التهليل، فصارت قصة الإنسان تابعة للسماء بعد أن كانت تابعة لتراب الأرض.
بَقِي لنا أن ننصت لتوعية بولس الرسول ، أننا الآن نحن نقيم في نعمة الله المنسكبة على المسيح.
فيا أولاد النعمة، إعتبروا كثيرا ما صار إليكم مجانا بإيمان مخلصنا يسوع المسيح، لتنسكب هكذا النعمة بصورة دائمة، حتى أننا نحسب أننا فيها مقيمون، كما يقيم الملك في قصره، فلو رفعنا القصر عن الملك لصار كواحد من الرعية. نعم يلزمنا، ايها القارئ، أن نتأمل و نتحسس و نستند على هذه النعمة الموهوبة لنا كرداء.
فنحن كما لبسنا المسيح، إرتدينا النعمة، و هكذا صار الإنسان مخلوقا جديدا سماويا يطلب وطنه السمائي.
صلاة
لنا ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع،
وقد إنفتح لنا طريق الحياة بتقديم جسد المسيح إلى الموت ثم القيامة،
ووهبنا المسيح ما عمله على الصليب ليُحسب لنا،
فأصبح الصليب رمز المصالحة العظمى التي قدمها المسيح لحسابنا،
فدخل الإنسان السماء مبرراً بفداء الدم الذي سيستعلن يوم الفداء،
فنحن نعيش الآن ، يا رب ، برجائنا الحي فيك ،
و إن ضعف إيماننا ، فرجاؤنا حي أن تُكمل فينا عمل صليبك،
لأننا حتما بالصليب سننال التبني ، لنكمل فداء الجسد.